الطبيعة بيئةٌ للتعلُّم



كما يدُلُّ الاسم، إنّ مدارس الغابة تُولي أهميةً كبيرة واحترامًا عميقًا لِعالم الطبيعة.
يتفاعَل الأطفال مع بيئة الغابة يوميًا، مما يساعِد في اكتساب المعرفة والمهارات العمليّة، إضافةً إلى تنمية الذكاء العاطفي والوَعي البيئي.
التضاريس المُتغيِّرة في الغابة وبيئتها البيولوجية المتنوّعة تُوفّر الفرص للتعلُّم المُباشِر عبر التجربة. فَتُحفِّز الفضول والحِسّ الإبداعي لدى الأطفال، وتَغرِس شعورًا عميقًا بالدهشة في عقولهِم الناشِئة.
يَقضي الأطفال وقتَهم خلال اليوم بالبِناء والاستكشاف مع أصدقائهم من مختلَف الأعمار، يتعلَّمون العمل الجَماعي وأهمية احترام بعضهم البعض والمُعلِّمين والغابة. وتُساعد هذه النشاطات التشارُكية في تنمية رُوح الاستقلالية والصُّمود، إضافة للمهارات الاجتماعية الضرورية في الحياة، وتعزيز الاهتمام بالآخرين وبالبيئة المُحيطة بهم.


في الغابة، يَقود الأطفال الأنشطة ويتعلّمون بشكل عَفَوي من خلال اللّعِب، بينما يتواجد المعلِّمون معهم بِصِفة المُرشِد، دورُهم تَيسير الرحلة التعلُّمية مِن دُون التحكُّم بها. أما الغابة، فَتقوم بِدَور مُساعد المعلِّم الحَيَوي، حيث تَصيغ وتُثري التجربة التعليمية في كلّ خطوة.
إن أسلوب التعليم في مدارس الغابة هو أسلوبٌ مَرِن ويتمحوَر حَول الطفل. على عكس الممارسات والسياسات التقليدية في المدارس، بدلاً من أن يخضَع الطفل للامتحانات والتقييمات القياسية، يكون التركيز في مدارس الغابة على الأشكال المتكامِلة للتقييم والتي تحترِم المهارات والقدرات الفريدة لدى كل طفل.
طفل عَفَوي وحُرّ


إذا كانت نُزهة يَوميّة قصيرة في الطبيعة تُساعدُنا على تَنقِية أفكارنا وتحسين صحّتنا النفسيّة، تخيَلوا ما قد يكون أثَر التجرُبة اليَوميّة داخل الغابة على الطّفل.
الأطفال الذين يَنشَؤون في مدارس الغابة لديهِم فضولٌ واسع وَرُوح حُرّة وترابُط عميق مع العالم. يستطيعُون التواصُل بِثِقة مع الآخرين ويستَمعون إليهم باهتمام. يتعلّمون بِشكلٍ مُستمر من خلال التجارُب والتشارُك مع أصدقائهم بدلاً من الاعتماد كُلّيًا على الكتب المدرسيّة. يتمتَّعون بالسلام الداخلي الذي يساعِدهم على التأمُّل والاتصال بمشاعِرهم، مما يُسهِّل عليهم التوافُق مع الآخرين.

أثناء مُغامراتِهم الجامِحة، يحافظون على انضباتهم ، فَيحترمون قواعد الغابة وإرشادات المُعلِّمين حَول السلامة محافظين على تناغُم المجموعة. اللّعب في الخارج والتعامل مع تضاريس الغابة يُساعِد في نمو عضلاتهم وتقويتها بشكل طبيعي، وفي تحسين توازنهم الحَرَكي.
وقتهم الذي يقضونَه في الغابة يعزّز اهتمامهم بالبيئة والطبيعة، فَيكبرون ليصبحوا مدافعين عن البيئة وملتزمين بالحفاظ على الطبيعة للأجيال القادِمة.
حياة أُسَرية أكثر ثراء
يَتَلقّى أهلُ طفل الغابة أيضًا المَعرِفة والمَنظور والطاقة الإيجابية التي يجلِبها طفلهم إلى البيت. فيما يستكشف ويتعلّم، يتشارك معهم مغامراته ومعلوماته الجديدة، ممّا يُعزّز التواصُل داخل الأُسرة ويجعل الحياة الأُسريّة أكثر ثراءً.

غالبًا ما يُصبح لدى الأهل علاقة خاصّة بالغابة، وتَتَعزَّز علاقة الأُسرة بالطبيعة. يُلهِم أطفال الغابة أهلَهم وإخوَتهم لِقَضاء المزيد من الوقت في بيئة خارجيّة حيث يستَكشِفون العالم الطبيعي.
مجموعة متفاعِلة ومتعاوِنة
تجلِب مدارس الغابة فوائِد جَمّة للمجتمع. من خلال عَمَلِها مع الأطفال وإشراكِها للعائلات والمعلِّمين وأفراد المجموعة الآخرين حَول التعليم البيئي وأنشطة الحفاظ على التنوُّع البيولوجي للطبيعة، يَقوم برنامج الغابة بِتَعزيز مُشاركة المجتمع وبِناء رُوح المسؤولية المَدَنية.
تَدعَم مدارس الغابة أيضًا الاقتصاد المَحَلّي مِن خلال التزامِها بالاقتصادات الدائرية.
إقامة برنامج الغابة في البيئة الطبيعية داخل الغابات والمُروج والمساحات المائية تُسهِّل وصول أفراد المجتمع إلى هذه الموارد، مِمّا يُثري التجارُب التَعليمية ويُعزّز الاهتمام بالبيئة ونشاط الحركة البيئيّة.